الشأن الاقتصادي | يعتبر القطاع العقاري في اليمن من القطاعات الحيوية التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني وعلى حياة المواطنين. يعاني هذا القطاع من تحديات كبيرة نتيجة للصراعات المستمرة والوضع الاقتصادي الصعب، إلا أنه يحمل في الوقت نفسه فرصًا واعدة للتطوير والاستثمار.
الوضع الراهن
منذ العام 2015، شهدت صنعاء ازدهاراً عقارياً واسعاً مثيراً للجدل وأموال ضخمة تتدفق في هذا القطاع في ظل أوضاع صعبة وحرجة تعيشها اليمن وتدهور اقتصادي كبير وأزمة إنسانية هي الأكبر على مستوى العالم كما تصنفها الأمم المتحدة.
هذه الحركة الخاصة في بيع وشراء العقارات في صنعاء العاصمة وبعض المحافظات شهدت منذ أشهر تقلبات وركود نسبي ملحوظ، بعد سنوات من الانتعاش، وذلك على إثر إصدار وزارة العدل في صنعاء قرارات جديدة تخص الأمناء الشرعيين المعتمدين، وكذلك نسبة الضريبة من كل عملية بيع وشراء، إذ أثرت هذه القرارات على شريحة واسعة ممن يعملون كوسطاء (سماسرة عقارات) وعلى عمال البناء.
يعتبر قطاع بيع وشراء العقارات في العاصمة صنعاء والمحافظات في نطاق حكومة الإنقاذ الوطني، من قطاعات الأعمال التي لم تتأثر بسبب الحرب، بل زاد انتعاشاً بسبب حركة النزوح وتوجه عدد كبير من الصرافين وأصحاب رؤوس الأموال، نحو تحويل أموالهم إلى عقارات، خوفًا من انهيار العملة الوطنية، ورغبة في الاستثمار في ظل ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات يومًا بعد آخر.
الهجرة المرتدة من القرى إلى المدن للنازحين الذين كانت الحرب قد أجبرتهم في بدايتها على اللجوء للأرياف، لعبت دورًا كبيرًا في إنعاش هذا القطاع بعد عودتهم إلى المدن مرة أخرى، للبحث عن مصادر دخل جديدة ومساكن قريبة من أعمالهم، وهذا بدوره جعل من قطاع بيع وشراء العقارات القطاع الأكثر حركة وازدهارًا، رغم استمرار الحرب وانقطاع الرواتب الحكومية.
في سابقة هي الأولى من نوعها، حددت القرارات الجديدة نسبة 2,5% من قيمة العقار يدفعها البائع لصالح الدولة، عند الأمين الشرعي المعتمد، والذي يحرر وثائق بيع وشراء الأراضي والعقارات.
أما بالنسبة لأراضي الأوقاف، فقد حددت قرارات وزارة العدل دفع نسبة 25% من قيمة العقار لصالح الدولة، وهذا فيما يخص أراضي الأوقاف غير المسجلة مسبقًا بعقد إيجار أو ما يسمى "مأذونية" من الهيئة العامة للأوقاف، لتكون هذه النسبة كقيمة لعقد الإيجار ونسبة من البيع.
كما حددت القرارات نسبة 5% من قيمة العقار لصالح الدولة إذا كان صاحب العقار لديه "مأذونية" (عقد إيجار مسبق)، وهذه النسبة يدفعها المشتري.
اعتمدت وزارة العدل عددًا من الأشخاص كأمناء شرعيين لا يصح أي بيع أو شراء للعقار عبر غيرهم، مع الإشارة إلى بطلان أيَّ بيعٍ وشراء للعقارات لا يُحرَّر عبرهم.
الوزارة عقدت عدة دورات مغلقة على مدى أكثر من شهر، للأمناء الشرعيين الذين اختارتهم، قبل اعتمادهم، ليتم بعدها إنزال أسماء وبيانات الأمناء المعتمدين في موقع الوزارة، مع التشديد على عدم بيع أو شراء أي عقار عبر أي أمين شرعي من خارج القائمة التي حددتها الوزارة، وكذلك منع البيع بأي مكان لم تصل إليه مخططات الدولة وفقًا لعدد من الأمناء.
في سياق دفع هذه القرارات إلى حيز التنفيذ، رفض كثيرون من الباعة والمشترين دفع الضريبة المحددة فيها، خصوصًا المستثمرين الذين يرون أن النسبة المطلوب دفعها لصالح الدولة هي مقدار الربح الذي يحصلون عليه.
بالرغم من الشلل شبه التام في حركة بيع وشراء العقارات في صنعاء، إلا أن أسعار الأراضي والبيوت لم تتأثر، ويتمسك ملاكها بالأسعار العالية دون تراجع رغم انعدام المشترِين، متحججين بأنهم سيدفعون ضريبة مرتفعة عند البيع، وهذا ما يجعلهم يتمسكون بأسعارهم حتى لو لم يعثروا على مشترين بسرعة.
بالمقابل، يجد عدد كبير من المشترين صعوبة في قَبول الأمين الشرعي المعتمد إبرام عقد البيع والشراء، بحجة طلبه من البائع إحضار الوثائق السابقة من البائع الأسبق والذي قبله، مع تعميدها رسميًّا، وهو ما جعل بيع وشراء الأراضي والعقارات صعبًا للغاية ويحتاج لجهد مضاعف ودفع مبالغ مالية إضافية عند البحث عن الوثائق السابقة والتي قبلها.
هناك تأثيرات سلبية، حيث ألقت هذه القرارات بتأثيراتها على مصدر دخل سماسرة العقارات ومقاولي البناء والعمال، وكذلك على تجارة مواد البناء والكهرباء..
وجهة نظر الأمناء، هي أن أن قرارات وزارة العدل التي تسببت بركود سوق الأراضي والعقارات، تحافظ على ممتلكات المواطنين من خلال ضبط البيع والشراء عبر أمناء محددين، بعيدًا عن العشوائية وبيع العقار لأكثر من شخص كما كان يحدث سابقًا. غير أنهم لا يخفون خشيتهم من استمرار ركود الأعمال وإصرار الحكومة على فرض تنفيذ نسبة الضريبة المحددة في القرارات الأخيرة لوزارة العدل، فيما تساءل بعضهم عن مجال إنفاق الضرائب، وهل ستعود على المواطنين بأية فوائد.
المجالات والمشاريع المرتبطة بالقطاع العقاري
مجال الإنشاءات
مشاريع المباني/ مشاريع السدود والحواجز المائية/ مشاريع المطارات والهناجر والمدارج/ مشاريع الأنفاق والجسور/ مشاريع الموانئ والأرصفة البحرية/ مشاريع السكك الحديدية/ مشاريع شق وسفلتة الطرق/ مشاريع شبكة المياه والصرف الصحي/ مشاريع الديكورات وتجهيز الصالات والمعارض.
مجال التعمير والتطوير
• تخطيط المدن السكنية وإعداد مخططات البنية التحتية
• بناء المدن السكنية والمجمعات التجارية والفلل والشاليهات والمنتجعات السياحية
• تقديم الدراسات والاستشارات في مجال التعمير والتطوير العقاري
• التطوير الحضري والعمراني في جميع المدن والمحافظات
• توفير فرص السكن العصري والحديث لذوي الدخل المحدود الراغبين في السكن
• تصميم وتوفير منتجات عقارية مبتكرة ومتناسبة مع احتياجات الجمهور
مجال التجارة والتوكيلات
• استيراد وتوزيع وبيع مواد البناء الأساسية، الأسمنت والحديد والأخشاب
• المواد الصحية ومواد البناء
• المواد الكهربائية
• الدعامات الحديدية والابواب الجاهزة
• الديكورات والاسقف المستعارة
• البيوت الجاهزة والهناجر ومواد الطلاء
• الآلات والمعدات والمحركات والمستلزمات الزراعية
• معدات الحفر والسيارات ووسائل النقل المتعددة
مجال الخدمات الانشائية
• إنتاج البلك
• إنتاج الخرسانة الجاهزة
• الشدات للأعمال الخرسانية
• الورش الإنتاجية (المنيوم - حديد - خشب)
• انتاج المواد الأولية ( كري - نيس )
• إنتاج البلاط
• تشكيل الاحجار والرخام
• إنشاء مصانع للحديد
• إنشاء مصانع للرخام
• أنشاء مصانع للزجاج
• إنشاء مصانع للأسمنت
المعوقات الأساسية للقطاع العقاري في اليمن
يعاني القطاع العقاري في اليمن من العديد من الصعوبات والمشكلات، ومن أهمها ما يلي:
العدوان والحصار: أدت الحرب الغاشمة التي تشهدها اليمن منذ عام 2015 إلى تدمير العديد من العقارات، وخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، مما أدى إلى تراجع الاستثمار في القطاع العقاري. فقد تم تدمير أو إتلاف آلاف العقارات السكنية والتجارية والحكومية في اليمن نتيجة للعدوان، مما أدى إلى انخفاض العرض من العقارات، وزيادة أسعارها. كما أدت حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى تراجع الاستثمار في القطاع العقاري، حيث يحجم المستثمرون عن الدخول في مشاريع عقارية في ظل هذه الظروف.
النزاعات المسلحة: ثمانين في المائة من النزاعات والمشاكل في اليمن سببها اختلالات التصرفات العقارية واثبات انتقالها وأصبحت النزاعات على الأراضي كابوس يطارد المستثمرين ويجعل اليمن من أسوأ المناطق جذباً للاستثمار بسبب نزاعات الأراضي واختلالاتها.
الفساد: يعاني القطاع العقاري في اليمن من انتشار الفساد، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف العقارات، وزيادة صعوبة الحصول على الخدمات العقارية. فهناك العديد من حالات الفساد في القطاع العقاري، مثل الرشوة والاحتيال، كما أن انتشار الفساد في القطاع العقاري يخلق حالة من عدم الثقة في هذا القطاع، مما يثني المستثمرين عن الدخول فيه
الافتقار إلى التنظيم: تفتقر اليمن إلى قوانين وأنظمة عقارية واضحة وفعالة، مما يؤدي إلى عدم وضوح الإطار القانوني للقطاع العقاري، وزيادة صعوبة الاستثمار فيه. فهناك العديد من الثغرات في التشريعات العقارية اليمنية. كما أن عدم وجود أنظمة مراقبة وتفتيش فعالة في القطاع العقاري يساهم في انتشار الفساد والاحتيال في هذا القطاع.
ضعف البنية التحتية: تعاني اليمن من ضعف البنية التحتية، مما يحد من إمكانية تطوير القطاع العقاري. فهناك العديد من المناطق في اليمن تفتقر إلى المرافق الأساسية، مثل الطرق والمياه والكهرباء، مما يحد من إمكانية تطوير القطاع العقاري في هذه المناطق. كما أن ضعف البنية التحتية في المدن اليمنية يؤدي إلى ارتفاع تكاليف البناء، مما يساهم في ارتفاع أسعار العقارات.
ارتفاع أسعار الأراضي: ارتفعت أسعار الأراضي في اليمن بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما جعلها غير مُتاحة للكثير من الناس. وهناك صعوبة في الحصول على سكن للمواطنين اليمنيين، وخاصة الفئات الفقيرة.
صعوبة الحصول على التمويل: يواجه رجال الأعمال في القطاع العقاري في اليمن صعوبة في الحصول على التمويل من البنوك المحلية، مما يحد من قدرتهم على تطوير أعمالهم.
عدم استقرار أسعار المدخلات: ارتفاع أسعار مواد البناء وكذلك ارتفاع تكلفة العمالة المدربة
ميزان السوق: قلة المعروض في السوق العقاري وعدم تناسب ذلك مع حجم الطلب.
وبسبب هذه الصعوبات، يواجه رجال الأعمال في القطاع العقاري في اليمن العديد من التحديات، ومن أهمها ما يلي:
تراجع الاستثمار: تراجع الاستثمار في القطاع العقاري في اليمن بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى انخفاض حجم الأعمال، وزيادة البطالة في هذا القطاع.
ارتفاع التكاليف: ارتفعت تكاليف العقارات في اليمن بشكل كبير، مما جعلها غير مُتاحة للكثير من الناس.
صعوبة الحصول على الخدمات العقارية: يواجه المواطنون في اليمن صعوبة في الحصول على الخدمات العقارية، مثل الاستشارات العقارية، وخدمات البيع والشراء، وخدمات التمويل العقاري.
غياب المنافسة: عدم وجود كيانات اقتصادية كبيرة في النشاط العقاري لها قدرة على التحدي والمواجهة والمنافسة مع نقص الامكانيات الفنية والإدارية.
لا تمويل: صعوبة التمويل العقاري، ونقص التشريعات المنظمة للتمويل العقاري
البيروقراطية في استخراج التصاريح: كثرة الإجراءات التي تحتاجها لاستخراج التصاريح تعتبر من أهم العوائق التي تقف أمام المستثمرين، فالكثير من المستثمرين لا يرغبون في الاجتهاد والسعي المستمر والدوران في حلقة مفرغة دون الحصول على نتيجة نهائية.
الارتفاع المستمر في أسعار المواد الخام: من أكثر الصعوبات التي ربما تواجه أي مستثمر في البداية، الارتفاع المستمر في أسعار المواد الخام ومواد التشطيب وكذلك فرض الكثير من الضرائب على المواد.
قضايا التنازع: وهي قضايا شبه يومية تسببت في صناعة بيئة طاردة للاستثمار العقاري وهي موزعة كالتالي:
قضايا مواريث شرعية.
قضايا أطراف يستخدمون القضاء لإثبات ملكيتهم على أراضي الاخرين ويتحججون بالأحكام للثبوت واستمرار الاعتداء والاستيلاء على أراضي الاخرين.
قضايا الاعتداءات على الأراضي وحماية الحائزين وما ينتج عن ذلك من تضارب واختلالات في مدعين ملكية الأراضي وبين الحائزين لها وتداخل الإجراءات والاختصاصات بينهما.
نزاعات طويلة لعشرات السنوات بين مستأجرين أراضي زراعية وبين ملاك.
نزاعات بين ورثه او شركاء قام أحدهم بالاستيلاء على بصائر ملكية الأراضي المشتركة ليتصرف فيها دون علم الاخرين.
نزاعات بسبب فقدان وثائق وبصائر ملكية الأراضي وما يحصل فيها من إجراءات مطولة واختلالات ونفقات باهضه وإجراءات مطولة ومرهقة.
قضايا بيع ارض لأكثر من شخص والتي أصبحت ظاهرة مجتمعية خطيرة.
الاعتداءات على قضايا الدولة من المواطنين واستيلاء الدولة على أراضي مواطنين دون تعويض عادل وناجز
مقترحات الحلول والمعالجات
1. تحليل وتقييم قرارات وزارة العدل الأخيرة والعمل على توجيهها بما يجذب الاستثمار العقاري.
2. السعي إلى توحيد ما يمكن توحيده من الإجراءات والجهات والأنظمة المتعلقة لنشاط هذا القطاع لضمان عدم التناقض في الإجراءات.
3. تطوير التشريعات العقارية، وذلك لضمان وضوح الإطار القانوني للقطاع، وحماية حقوق المستثمرين. ومن ذلك تعديل التشريعات الخاصة بنقل الملكية والرهن العقاري والاقتراض بضمان العقارات من البنوك وقنوات التمويل الأخرى.
4. محاربة الفساد في القطاع، وذلك من خلال وضع قوانين وأنظمة صارمة لمكافحة الفساد، وتعزيز الرقابة على القطاع.
5. تحسين البنية التحتية لتوفير بيئة مناسبة للاستثمار العقاري.
6. تسهيل الحصول على التمويل من البنوك المحلية، من خلال تقديم قروض ميسرة لرجال الأعمال في القطاع العقاري.
7. اصدار تشريع منظم لعمل شركات الاستثمار العقاري من حيث الزامها بتغطية بعض من فجوة الاسكان الاقتصادي بجانب عملها في الاسكان الفاخر.
8. اعداد سياسات ضامنة للحد من ارتفاع اسعار مواد البناء والتشييد.
9. حل النزاعات العقارية التي باتت كابوساً يومياً.
10. تطبيق السجل العقاري العيني بشكل شامل وصحيح وانهاء كافة نزاعات الأراضي.
11. تفعيل الخرائط ومخططات المدن، واستكمال قاعدة البيانات الخاصة بالأراضي في جميع المحافظات (مدن – ريف).
12. استكمال التخطيط لجميع المناطق من مدن وريف وتحديد الطرق والمرافق العامة وغيرها.
13. تفعيل الأنظمة الالكترونية لقيد واثبات ملكية الأراضي وتسجيل التصرفات العقارية في السجل العقاري العيني بالتوازي مع الاثبات الورقي الامن وحفظ كافة الوثائق والمستندات في خزائن امنه.
14. اعتماد الرقم الوطني العقاري لكل عقار في اليمن لا يقبل التكرار.
15. الربط الالكتروني واليدوي لكافة السجلات وقاعدة بيانات مؤسسات الدولة مع السجل العقاري العيني وفي مقدمتها الأحوال المدنية من بطائق اثبات هوية ورقم وطني وشهادات الوفاة والميلاد والزواج والطلاق ويتم مباشرة بعد حصول أي تغيير توثيق ذلك أيضا في السجل العقاري العيني.